حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

استئناس البعث.. تجاوز السلبيات مفتاح للديمقراطية

يقول رئيس الولايات المتحدة الأميركية السادس عشر، إبراهام لينكولن: «الصوت الانتخابي أقوى من صوت المدفع». ويقول رئيس وزراء بروسيا السابق أوتو فون بيسمارك أيضاً: «البشر لا يكذبون إلاّ في ثلاث حالات، بعد الصيد، وأثناء الحرب، وقبل الانتخابات».

تشير هذه المقولات إلى دلالات هامة  في أي عملية انتخابية حزبية كانت أهم جماهيرية، وتتجسد في قوّة الصوت وصدق طالبه.

في الحديث عن الانتخابات والناخبين، لا يمكن أنّ نعمّم أي صفة أو نتيجة على الجميع سواء المرشحين أو الناخبين، فهناك الصادقين منهم في الطرح، والناخب هو من يحق له «التصويت» باعتبارها قضية محورية في الانتخابات، فيجب قبل إجراء أي عملية انتخابية تحديد الشروط الواجب توافرها في من يحق لهم التصويت، وهناك ناخبون يدركون مدى قوّة صوتهم وآخرون يعتبرونه مجرد فعل يمارس لا أكثر لدرجة أنّ البعض يعتبره سلعه!

وفيما يتعلق بالعملية الانتخابية الداخلية لحزب البعث أو عملية الاستئناس الحزبي الجديدة التي أقرّتها قيادة الحزب وبدأ بتطبيقها من خلال اعتماده على قيادات البعث القاعدية لاختيار كتلته النيابية في مجلس الشعب والبالغ عددها 167 عضواً، تعتبر تجربة جديدة من نوعها أشغلت اهتمام جميع البعثيين وبشكل خاص الناخبين والمرشحين منذ اليوم الأول من إعلان القيادة المركزية للحزب الشروط والتعليمات الناظمة لتنفيذها والتي وصفها البعض بأنّها نقطة مهمة تسجل في تاريخ البعث.

ولكن لكل تجربة إيجابيات وسلبيات، وتجربة البعث في الاستئناس ناجحة من زاوية، إن لم توفق من أخرى، وهذا أمر طبيعي، ويدللّ على ذلك النتائج التي أُعلن عنها في بعض المحافظات، كحرق الكثير من الأوراق الانتخابية الناجم عن سببين لا أكثر؛ إمّا فعل عن قصد، أو جهل في التطبيق، والسببان يشيران إلى مشكلة تحتاج إلى تصويب ضروري.

إضافة إلى طول فترة فرز وجمع أصوات الناخبين بسبب غياب استخدام الوسائل التكنولوجية ما ترك مجالاً للشك في وقوع «التلاعب»، كما حصل في طرطوس على سبيل المثال لا أكثر، الأمر الذي دفع قيادة البعث الوقوف عنده، وكذلك استئناس التمثيل الجمعي لكل محافظة، هذا أمر مهم، فبعض الشعب الحزبية تحتوي على عدد كبير من الناخبين مقارنة بـشعب أخرى لا تملك ربع أعداد ناخبي الأولى، ما يجعل الأولى «حجرة قبان» قادرة على قلب الكفّة لمرشح على حساب آخر إن قصدت، وهذه نقطة غاية في الأهمية تحتاج إلى إعادة الحسابات.

لا بد من إعادة النظر في تصرفات بعض المرشحين للاستئناس ممن لجؤوا إلى أسلوب الترويج «المادي» لانتخاباتهم ضمن الحزب، هذا من المفترض أن يكون مرفوضاً ضمن العقيدة الحزبية التي لا مساومة عليها، ومحاسبة كل من تسوله نفسه بيعها.

من الأهمية أيضاً، أن يكون هناك معيار آخر يتطلب وصول المرشح إلى قائمة الاستئناس، ألا وهو برنامجه الانتخابي ومدى جدّيته وأن يكون مقنعاً وأن لا تكون مجرد عناوين عريضة وفارغة لا فائدة منها.

من الضروري أن تركّز القيادة الحزبية على الحالة الصحيّة في عملية الاستئناس التي تعد تحصيل حاصل لجملة من القواعد والضوابط التي يتم وضعها وتطبق في المسار الصحيح، بينما السلبيات تظهر لأسباب عدّة؛ فقد تكون نتيجة تطبيق غير دقيق لبعض الضوابط أو انعدام وجود بعضها أساساً.

إن الوقوف على الخطأ وتصويبه في المرحلة القادمة يجعل الاستئناس الحزبي أكثر وضوحاً وشفافية، وهذا ليس جديداً في دستور البعث، وإنما هي تطبيق مبدأ "النقد والنقد الذاتي"، ما يساعد الحزب على الخروج من دائرة الخلافات والشكوك التي قد تعترضه في بعض الأحيان، إلى دائرة الديمقراطية الحقيقة التي يقصدها على اعتبار أن غياب السلبيات والأخطاء أو معالجتها هو مفتاحاً لترسيخ الفعل الديمقراطي الحقيقي المنشود.

 

قصي أحمد المحمد

اضافة تعليق