حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

المحاور الأربعة للمخطط الاستعماري الأميركي ضد سورية

أميركا التي صنعت الإرهاب بكافة ألوانه وصدّرته إلى سورية أخفت وراءه نياتها في السرقة والنهب مخططاً خطيراً كشفه موقع “غلوبال ريسيرش” الكندي عبر نشره لتقرير يتحدث عن الاستراتيجية الأميركية والتي وصفها بـ :” السادية “نظراً لما تحمله من أبعاد ونتائج خطيرة تستهدف الشعب السوري، وطرحت تلك الاستراتيجية بشكل علني خلال اجتماع عقدته لجنة شكلها الكونغرس الأميركي عام 2018 تحت مسمى “مجموعة دراسة سورية” في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأميركي “سي إس آي إس” الذي يتخذ من واشنطن مقراً له وترأست اللجنة دانا سترول التي تشغل منذ وقت طويل منصب كبير الموظفين المختصين بشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي وأمضت سنوات في رسم المخططات والمؤامرات لتغيير ملامح المنطقة لتركز أفكارها العدوانية في السنوات الأخيرة على سورية بمخطط يكشف أخطر وجه لأطماع واشنطن الاستعمارية، ويؤكد أن هذه الأطماع لم تتوقف يوما ولن تكون لها نهاية.‏

 

عمليات نهب النفط السوري عبر انتشار قوات الاحتلال الاميركي بشكل غير شرعي في شمال شرق سورية وتغيير قرارات انسحابها مراراً شكّلت أولى ملامح النمط الاستعماري الجديد الذي حدّدته سترول أمام اللجنة بشكل مفصل إضافة لثلاثة محاور أساسية. ‏وثانيها ضخ مزيد من التحريض لجهة الممارسات والسياسات العدائية ضد سورية وتشديدها على ما سمّته بكلماتها الخاصة “العزل السياسي والدبلوماسي ومنع السفارات من إعادة فتح مقارها في دمشق” والتي بنت عليه أوهامها لفترات طويلة.‏ أما المحور الثالث فيتمثل في تصعيد الإجراءات القسرية الأحادية ضد سورية، في حين أن المحور الرابع يكون عبر عرقلة عمليات وجهود إعادة الإعمار التي تقوم بها الحكومة السورية من جهة ومنع الخبرات التقنية ومساعدات إعادة الإعمار من العودة إلى سورية من جهة ثانية.

 

‏المخطط الاستعماري الأميركي الغربي ضد سورية لا يخفى على أحد لكن المحاور الأربعة الجديدة التي كشفت عنها سترول تثبت أن واشنطن تعمل على توسيع هذا المخطط بشكل علني ومباشر. ولطالما شكلت سرقة النفط السوري أحد أعمدة المخطط الاستعماري الأميركي، ولم يجد الرئيس الأميركي ترامب حرجاً في الاعتراف مؤخراً بذلك، في الوقت الذي وثّقت فيه وزارة الدفاع الروسية عمليات السرقة والنهب التي تقوم بها قوات الاحتلال الأميركي لحقول النفط في شرق سورية وتهريبه إلى خارج البلاد. ‏لقد شرعنت الإدارة الأمريكية الحالية عمليات سرقة النفط السوري بإعطائها الضوء الأخضر ومباركتها لاتفاقية وقعتها الميليشيات الانفصالية “قسد”، التي تسيطر على حقول النفط السوري في مناطق شرق الفرات، مع شركة النفط الأمريكية “دلتا كريسنت إنيرجي”، ستبدأ هذه الأخيرة بموجب تلك الاتفاقية أنشطتها في الحقول النفطية السورية لزيادة إنتاج النفط اعتبارا من 20 تشرين الاول الماضي، وبحلول شباط 2021 سيصل الإنتاج إلى 60 ألف برميل يومياً على أن يرتفع الإنتاج إلى 380 ألف برميل خلال 20 شهراً، وبإجازتها لهذه الاتفاقية تكون الولايات المتحدة الأمريكية قد كشفت الغطاء أكثر عن حقيقة أهدافها السياسية الخطيرة من وراء احتلالها أجزاء من أراضي الجمهورية العربية السورية.

 

إن دخول الشركة الأمريكية في اتفاق مع مجموعة إرهابية تسيطر على جزء من أراضي دولة مستقلة ذات سيادة، يعتبر عملاً غير قانوني يعطي للحكومة السورية كامل الحق في مقاضاة الشركة الأمريكية أمام المحاكم الدولية، رغم صعوبة تحقيق ذلك، إلا أن مجرد تحرك الحكومة السورية في هذا الاتجاه من شأنه أن يضع المسئولين في هذه الشركة أمام المسؤولية القانونية، وخاصة أن العملاق النفطي الأمريكي الآخر “إكسون موبيل”، التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإدارة النفط في شرقي الفرات، قالت إنه لا يمكنها الدخول إلى تلك المنطقة ما دام ليس لديها حق شرعي وقانوني فلا يمكننا الذهاب إلى هناك.

 

المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورية جويل رايبورن، خلال جلسة استماع للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مؤخراً، أقر بأن إدارة ترامب حرصت على حصول شركة “دلتا كريسنت إنيرجي”، التي شارك في تأسيسها متبرعون للحزب الجمهوري، على صفقة لنهب النفط السوري وسرقته واستغلاله. ولم يجد رايبورن حرجاً من الاعتراف بأن الإدارة الأمريكية اختارت هذه الشركة بالذات دون غيرها من الشركات الأمريكية التي حاولت بدورها المشاركة في سرقة النفط السوري بهدف تنفيع داعميها وممولي الحزب الجمهوري الذي تنتمي إليه. وعلى الرغم من أن الإدارة الأمريكية تُحظّر على الأمريكيين والشركات الأمريكية التعامل مع ملف النفط السوري، إلا أن الإدارة ذاتها منحت شركة “دلتا كريسنت إنيريجي”، كما أكد رايبورنن (إعفاءً خاصاً) من الحظر بعد أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية توجيهات محددة بهذا الشأن.

 

وهكذا واصلت قوات الاحتلال الأمريكي بالتواطؤ مع مجموعات “قسد” سرقة النفط السوري الخام يومياً من حقول منطقة الجزيرة السورية، وقامت مؤخراً بمد أنابيب تعبر نهر دجلة في منطقة سيمالكا إلى الأراضي العراقية، وأشارت مصادر أهلية في منطقة المالكية إلى أنه يتم ضخ مئات البراميل من النفط الخام المسروق يومياً عبر هذه الأنابيب، إضافة إلى عشرات الصهاريج المحملة بالنفط الخام التي تخرجها قوات الاحتلال الأمريكي أسبوعياً إلى الأراضي العراقية عبر المعابر غير الشرعية والتي أحدثتها لهذا الغرض كمعبر الوليد غير الشرعي بريف اليعربية.

 

وتواصل قوات الاحتلال الأمريكي نشر عدد من قواتها في مناطق آبار النفط لسرقة النفط وحرمان الشعب السوري من ثرواته بالتزامن مع حصارها الجائر الذي تفرضه على الشعب السوري لمنعه من الحصول على حوامل الطاقة والمواد الغذائية والأدوية وإعاقة إعادة إعمار ما دمره الإرهاب الذي دعمه الغرب لتدمير البنية التحتية في سورية. واللافت للنظر أن مجلس النواب الامريكي لم يعترض على سرقة النفط السوري عندما عرفوا اعتماد بلادهم على مرتزقة لسرقة نفط دولة ذات سيادة وبيعه وحرمان الشعب السوري من خيرات بلاده وفرض سياسة الامر الواقع عليه، لكنهم بالتأكيد كانوا متفقين على نهب النفط السوري، لكنهم اختلفوا على الشركة ليس لأنها تعود لمرتزقة بل لأنها مقّربة من ترامب، هذه هي حقيقة أمريكا المتوحشة الغارقة في دماء الشعوب والتي تسرق خيرات هذه الشعوب وتسحق مواطنيها في وقت تتشدق فيه بأنها راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم.

 

إن حقيقة الدخول الأمريكي طرفاً مباشراً في الأزمة السورية لم يكن هدفه محاربة الإرهاب وتحديداً “داعش”، لأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت إلى جانب الدول التي أغمضت عينها عن تدفق الإرهابيين إلى سورية، وتغاضت عمداً عن عمليات نقلهم وتمويلهم وتسليحهم، فهذا التدخل الأمريكي له هدف سياسي ذو طابع استراتيجي خالص، والولايات المتحدة بتصرفاتها في الأزمة السورية تؤكد صحة وجود هذا الهدف غير المعلن بشكل صريح حتى الآن، فهي لا تدعم “قسد” لأنها تحارب “داعش” كما تدعي، بل لأنها تنفذ مشروعها لتفتيت وإضعاف سورية ذات السيادة الكاملة على ترابها الوطني.

 

الانتصارات التي يحققها الجيش العربي السوري واستكماله تحرير كل المناطق التي ترزح تحت الارهاب واعادتها الى حضن الوطن  يؤكد أن نهاية تلك المشاريع الارهابية الاميركية تلوح في الافق العسكري السوري ما يعني أن كل رهانات واشنطن المتوحشة في المنطقة ستتحطم، وسيندحر جيش الاحتلال الامريكي بفعل المقاومة التي يسطرها أبطال الجيش العربي السوري.

صحيفة البعث

اضافة تعليق