حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

المكيال الأمريكي

وصف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن اقتحام أنصار دونالد ترامب الكونغرس الأربعاء الماضي خلال جلسة المصادقة على فوز المرشح الديمقراطي في انتخابات الرئاسة بـ«التمرد»، وأنهم «رعاع وإرهابيون» ويجب التعامل معهم على أنهم إرهابيون.

 

يا سبحان الله، من اقتحم مبنى الكونغرس لبضع ساعات -رغم تحفظنا على سلوكهم المرفوض- إرهابيون ويجب تصفيتهم، علماً أن بايدن يعلم جيداً أنهم أمريكيون، ومع هذا لم يشفع لهم بعد الاقتحام مقتل أربعة منهم، أي أقل من أصابع اليد الواحدة، فقد وجّه الرئيس المُنتخَب قبل أن يتسلّم الرئاسة بشكل فعلي بالتعامل معهم على أنهم إرهابيون.

 

إذا كان بايدن صادقاً ويكيل بمكيال واحد فهذا محمود وجميل يبشر بالخير.. وإذا كان يكيل بمكيالين، وهذا هو المرجح، وهذه هي سلوكيات الإدارات الأمريكية على مرّ التاريخ الذي يشهد، فماذا يقول بايدن عن “أمهات المداجن” من عيار «القاعدة» و«داعش» و«النصرة» التي تفرّخ يومياً آلاف الإرهابيين وبإرادة ورعاية وتمويل أمريكي، ليتم نشرهم ونقلهم مثل أحجار الشطرنج من رقعة إلى أخرى؟ وماذا يقول السيد بايدن عن رعاية دولته لـ«داعش» و«النصرة» والأجنحة الإرهابية الأخرى في سورية بعد عشر سنوات حرب على سورية، وهذه التنظيمات الإرهابية قتلت ونهبت واغتصبت وعاثت في البلاد فساداً، وتركت ندوباً وجروحاً في كل مكان لا تُنسى.. وكل هذا برعاية أمريكية مباشرة، ولماذا تعتبرهم طلاب حرية؟ وماذا يقول الأخ بايدن عن وجود عشرات القواعد غير الشرعية على امتداد الجغرافيا السورية للتجسس تارة، ولتزويد الإرهابيين ببنك الأهداف تارة أخرى، ولمنع تواصل السوريين مع جيرانهم وحرمانهم من حقوقهم السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية؟ وماذا يقول بايدن عن قاعدة «التنف» العسكرية غي الشرعية التي تحمي مخيم بل معسكر «الركبان» المتخم بالإرهابيين والقَتَلَة وقطّاع الطرق، وهم الحاضرون الجاهزون المستعدون لتنفيذ أي أمر أمريكي في عمق البادية السورية، وتنقلهم مثل الخفافيش ليلاً للاعتداء على المنشآت النفطية والغازية ما بين حماة وحمص وريف دمشق، وهي من كان وراء الاعتداءات الإرهابية الجبانة مؤخراً التي استهدفت الحافلة في منطقة «كباجب» على الطريق ما بين تدمر ودير الزور، وكذلك على طريق أثريا- السلمية والتي أودت بحياة عدد من الشهداء المدنيين والعسكريين.. هل يعترف ويتجرأ بالقول إنهم إرهابيون وهم من صنع أمريكا؟.. بل ماذا يقول الرئيس الـ/46/ الذي يتفاخر “بعراقة وديمقراطية” أمريكا عن احتلال الجزيرة السورية التي تمثل ثلث مساحة سورية.. وتحوي 90% من ثرواتها النفطية والغازية وحقول القمح والقطن والخضار، وعلى نهر الخابور والبليخ وجغجغ والفرات ودجلة، وعلى البحيرات والسدود ومحطات التوليد الكهربائية منذ أكثر من 5 سنوات؛ وكانوا وراء تهجير سكانها، وتغييرها ديموغرافياً.. وتسرق وما تزال مستمرة بسرقة ثروات الجزيرة، وبعلم كل المؤسسات الأمريكية والعالمية الرقابية؟.

 

أم “يحقّ لأمريكا ما لا يحقّ لغيرها”! ولماذا ما يقوم به الجيش الأمريكي من دفاع عن الكونغرس الأمريكي شرعي، وما يقوم به الجيش العربي السوري من تحرير بلاده من الإرهابيين “عنف مبالغ فيه”؟ ولماذا تصف الماكينة الإعلامية الأمريكية والساسة الأمريكيون “ديمقراطيون وجمهوريون” سلوك أنصار ترامب بالإرهابي والعنصري والشعبوي، بينما يسكتون على ما تقوم به إدارتهم بحق سورية، بل “يشرعنونه”!

 

إذا كان اقتحام مبنى لساعات معدودة أقام الدنيا ولم يقعدها في أمريكا وفي الغرب والشرق المتعاطف مع الإدارة الأمريكية.. بينما يسكت العالم على مشاركة أكثر من 180 دولة في الحرب على سورية، برعاية وقيادة أمريكية.

 

لقد آن الأوان لأن تعترف أمريكا في ظل الإدارة الجديدة التي سوف تستلم القيادة في 20 الجاري عن مسؤوليتها الكاملة عن حربها على الدولة السورية المستمرة منذ انطلاق ما يسمى زوراً وبهتاناً «الربيع العربي» دمّرت خلالها البنية التحتية للمؤسسات السورية، وحوّلت ثلث مواطنيها إلى لاجئين في دول العالم، وأن تقرّ بعدم شرعية وجودها ، وتنهي احتلالها للجزيرة السورية، وتفكك قواعدها العسكرية غير الشرعية من كامل الجغرافيا السورية، وأن ترفع ما يسمى بـ«قانون قيصر» عن رقاب السوريين، وأن تعترف على الأقل أمام شعبها بأنها قد أخطأت بحق الدولة السورية بجناحيها الشعبي والمؤسساتي، وأنها مسؤولة أخلاقياً وقانونياً ومادياً عن كل ما لحق بالسوريين من جور وظلم، وآخرها منع وصول الوقود والطعام والدواء والكساء للسوريين الذين قُتلوا “بذنب” أنهم دافعوا عن أرضهم وكرامتهم والتفوا حول جيشهم وقائدهم.

 

فهل تكون لدى الإدارة الأمريكية الجرأة ولو مرة واحدة أمام شعوب العالم، وتسمي الأشياء بأسمائها وتعترف بأن من فجّر ودمّر وحرق وسرق وخرّب في سورية هم إرهابيون، وليس كما كانت تسميهم «طلاب حرية»، أسوة بما جرى مؤخراً إثر الهجوم على مبنى «الكابيتول»، وهذا أضعف الإيمان.. أم «فالج لا تعالج»!.

عارف العلي

اضافة تعليق