حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

محور المقاومة وكبح المشروع الأمريكي في المنطقة

لأن السلام في لبنان مر من دمشق، وإطلاق سراح الرهائن كانت خطوطه تبدأ من دمشق، وتنطلق منها لتعود بالرهائن إليها. بذلك أصبحت سوريا مدخل العالم إلى الشرق وبوابة الشرق إلى العالم، ليس ذلك لموقع استراتيجي جغرافياً تتربع عليه سوريا، وليس لقوة تفوق الدول الإقليمية، وليست لمجرد نقطة التقاء لخطوط السياسة العالمية، بل كان هذا نتيجة حتمية لسياسة الرئيس حافظ الأسد رحمه الله، واليوم ابنه البشار الذي يجيد التعامل مع الثوابت والمتغيرات السياسية.

وبما أن سوريا صمام الأمان العالمي في المنطقة، اشتد الضغط الأمريكي والإسرائيلي على محور المقاومة، لتغيير مقولة الخالد حافظ الاسد بأن سوريا ولبنان شعب واحد، استنادً إلى حرب جديدة تقرع أبواب سوريا ولبنان معاً؛ هي حرب العقوبات التي طالت سلاح حزب الله، وهنا الوضع مغاير تماماً مع الخطوط الحمراء التي تجاوزتها الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي  معاً، من خلال المشروع الأمريكي (قانون قيصر) الذي يهدف إلى تفكيك وحدة الشعبين السوري واللبناني، ولإشعال الفتنة الطائفية والسياسية وقطع العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، ليس فقط في لبنان وانما طهران وروسيا والصين، ولكن المستهدف الأول هو حزب الله، وقد تجلى ذلك من خلال خطاب الأمين العام لحزب الله الأخير عندما تحدث عن المؤامرة والفتنة لإعادة الفوضى والحرب الأهلية، فكانت القراءة السياسية تختلف عن سابقها في مفهوم المقاومة؛ خاصة تُجاه سياسة الحصار والتجويع التي لجأت إليها واشنطن معتبرة أنها الوسيلة الوحيدة لإخضاع سوريا وحلفائها على جدول التفاوض معها.

فالعقوبات والهيمنة الصهيونية ليست جديدة علينا، فهي منذ القدم ولكن لاحظوا ماذا يحصل في امريكا، هناك انكسار في الهيمنة الأمريكية وهناك ممارسة عنصرية مرتبطة  بالداخل الامريكي، وهناك اقتصاد متردي وجائحة صحية وكشف المستور وتعري الحقائق، وهذا طبعاً كله في ذروة انهيار الإمبراطورية سياسياً وعسكرياً وأمنياً.

لذا استخدمت آخر وسيلة لعلها تنجح بذلك، أمام التزامها بالوضع الداخلي المتأزم، إضافة إلى تخبطات وتفتيت  سياسي بالإدارة، فتركت كل هذا ، والتفت حول سورية وحلفائها لتضييق الخناق والحصار عليهم، متزعمة انقاذ نفسها من هذه الورطة السياسية الكبرى، ولكن لا تعلم واشنطن ماذا ينتظرها، فكلام سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن  كان واضحاً عندما قال: من يهددنا بالقتل جوعاً، سلاحنا سيبقى ونحن سنقتلك وأن حلفاء سورية لن يتخلوا عن سورية ولن يستطيع المشروع الأمريكي اسقاط سورية”، هذه الرسائل التي لها دلالات استراتيجية بشقيها السياسي والعسكري، وفق الآتي:

اولاً: هناك خيارات وبدائل لمعادلات الردع في قواعد الاشتباك في حال قامت الولايات المتحدة الأمريكية بقطع الخيط السياسي وتجاوزت حدودها، فـ سيكون هناك صدام عسكري لربما، وهذا ليس لمصلحة أحد في حال حصل ذلك، ولو كان هناك من يعمل لصالح الولايات المتحدة الأمريكية في لبنان لا يعيق الحل السياسي بل سيمضي به، وهناك بذل جهد كبير لترتيب الاوضاع، ولكن ليس على حساب المقاومة.

ثانياً: الثقة  الدائمة بالنفس الذي كان يتحدث بها نصرالله كانت تقول بأن لا يمكن لإسرائيل وأدواتها إسقاط محور المقاومة، وهذا أن دل على شيء يدل على أن محور المقاومة في مرحلة جديدة لمواجهة الضغوط الأمريكية والإسرائيلية بأنواعها، وهي جاهزة لخوض معركة جديدة مع العدو ولو كلف ذلك قلب الطاولة على رؤوس أسياد الشرق الأوسط الجديد.

ثالثاً: الخيارات والبدائل في المعادلات الأهم والأكبر للمقاومة هي ستكون حدود الرد في المعادلة الهجومية لقانون قيصر فمثلا. ماذا لو فتحت الحدود السورية مع لبنان وماذا لو قررت طهران فتح جسر جوي الى لبنان لوصول المساعدات الإنسانية وهناك الكثير الكثير  لدى حزب الله ليواجه العقوبات الأمريكية السافرة عليه.

حرب تموز تشهد للمقاومة بانتصارها على المشروع الأمريكي والانحطاط الأخلاقي العربي، ولكن اليوم تختلف المعايير السياسية لأن المواجهة عالية المستوى، وهي تقترب من خط التماس المباشر مع المقاومة باستهداف الفوضى والفتنة المذهبية والطائفية فما هي المعادلات الأكبر والأخطر لمواجهة الفتنة، وكبح المواجهة السياسية والإعلامية والعسكرية التي تستهدف محور المقاومة.

رنا العفيف – كاتبة سورية

اضافة تعليق