حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

إدلب .. واحتدام المسارات السياسية و العسكرية

معادلات سياسية كثيرة أنتجتها الحرب على سوريا منذ الانتصارات التي حقّقتها الدولة السورية، وإنتاج ما يُسمّى ترحيل الإرهابيين السوريين الذين يرفضون المُصالحة إلى محافظة إدلب، بالإضافة إلى "تهريب" الإرهابيين الأجانب، والذي بدوره فرض على هذه المدينة أن تكون معقلاً لتجمّعات الفصائل الإرهابية على مُختلف تسمياتها، وبالتالي جُعِلت إدلب وفق تصوّرين:

الأول: أن تكون إدلب مرتعاً للإرهابيين السوريين الذين اختاروا طريقهم للاستمرار في حربهم ضد الدولة السورية، وبالتالي شكّلوا ورقة ضغط كبيرة على الحكومة السورية، والتي أعطتهم الفرصة للتسليم والمُصالحة لكنهم رفضوا.

الثاني:  المجموعات الإرهابية الأجنبية المُتعدّدة الجنسيات، والتي تمّ اختيار مدينة إدلب لتكون مسرحاً لهم، لكون الداعِم الرئيس لهذه المجموعات على الحدود مع إدلب ألا وهو تركيا، و لتسهل إعادة تقديم الدعم اللوجستي والمعنوي والعسكري في منطقة تُعتبر تحت سيطرة أردوغان والمجموعات الإرهابية المتواجدة أساساً هناك، والتي تُدير مجموعاتها في المناطق الأخرى من معاقلهم.

إدلب الورقة الأخيرة في اللعبة التركية الأميركية الإسرائيلية

إن عملية تجميع الإرهابيين في إدلب لكون موقعها الجغرافي بالنسبة لسوريا يتوسّط المحافظات الثلاث،  اللاذقية غرباً وحلب شرقاً وحماه جنوباً، ومنها يُمكن تعزيز المناطق التي تُسيطر عليها مجموعاتهم الإرهابية الأخرى،  والتي هي على احتكاك مع الجيش السوري، وتقوم بتنفيذ الخروقات والانتهاكات لمنع تقدّم الجيش السوري من إدلب.

أميركا في كل هذا وإن كانت لم تُظهِر تدخّلها بشكلٍ علني، إلا أنها أوعزت الأمر لتركيا والتي أدركت رغم احتلالها لمناطق عفرين و جرابلس والباب، أن الاقتراب من كفّ يدها عن مناطق تواجدها قد قَرُب، ولذلك اتبعت سياسة الكيل بمكيالين لجهة منصّة أستانا ودورها الإيجابي المزعوم كمسيطرٍ على الجماعات الإرهابية، على شاكلة البلد السياسي المتعاون لصالح الحل السياسي في سوريا، وعبر تواجدها كضامنٍ في منصّة أستانا إلى جانب الروسي والإيراني، والكيل الثاني وهو الأهم، والذي به تُرجّح كفّة الكيل في  الميزان لمجموعاتها الإرهابية، عبر الدعم المستمر وتسهيل عملياتهم عبر تقديم الأسلحة والمدرّعات، ومحاولة فرض الهُدن لهم لإعادة ترتيب صفوفهم المنهارة جرّاء الضربات الاستباقية للجيش السوري.

سوريا وروسيا وإيران تدرك تماماً المخطط التركي، لذلك أعلنت الاستمرار والتقدّم في محاربة الإرهاب، فجاء الرد الأميركي والإسرائيلي والتركي بالامتعاض  والتصريحات الإعلامية، حيث أن تصريح ترامب لجهة وقف العمليات في إدلب، والتحذير الموجّه للدولة السورية من الاستمرار في التقدّم، توضع عليه علامات استفهام مُتعدّدة، وكأن أميركا لا تريد أن تعي أو ترى مدى الإجرام الذي ترتكبه هذه الفصائل بحق المدنيين، والخروقات اليومية في ريف حماه الشمالي الغربي.

تسعون ألف مسلح يجتمعون في إدلب، والسؤال المطروح هنا؛ إلى متى سيتم التغاضي عن وجودهم الإرهابي أو عن جرائمهم التي ارتكبوها و لا زالوا بحق المدنيين في إدلب و محيطها؟.

الدولة السورية ومنذ بدء الحرب عليها، لم تتقاعس في مهامها بإطلاع مجلس الأمن والأمم المتحدة عما يجري على أرضها،  ولكن وبعد ما يُقارب الـ 9 سنوات من الحرب على سوريا، ومع استمرارها في احترام القوانين الأممية والشرعية والدولية، وإبلاغها الدول المعنية في مجلس الأمن بأنها ماضية في حربها على الإرهاب، واستعادة كل شبر من سوريا عبر المبعوث الدائم للأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري،  ومع هذا لا تتم إدانة الخروقات المستمرة للمجموعات الإرهابية، ومع محاولة قوى التحالف المُعادية بإعادة الوضع في سوريا لما قبل الـ 2014، وفتح قنوات للجماعات الإرهابية، وكمّ الانتهاكات والخروقات على المناطق الآمنة، لابد للدولة والقيادة السورية عبر الجيش السوري والحليفين الروسي والإيراني، من متابعة التقدّم وتحقيق المزيد من الانتصارات، فما كان في الأمس من تواجد إرهابي متناثر، أضحى في بقع صغيرة، والمسألة بيد القيادة السورية، التي أعلنت مراراً وتكراراً إنها تحافظ في قبولها بالحل السياسي للمحافظة، على كل قطرة دم سوريّة، والاتجاه إلى الحل العسكري يفرضه الميدان والخروقات والمعطيات المُستجدّة.

في المُحصّلة

لا شك بأن مسار العمليات العسكرية السورية و التي تأخذ طابعاً تصعيدياً تكتيكياً، من شأنه جذب كل الأطراف الفاعلين في الشأن السوري إلى بوتقة الحل السياسي، وأية مناورات سواء أكانت سياسية أم عسكرية من قِبَل دول العدوان على سوريا، لن تُحقّق أية نتيجة يُراد منها تأخير عودة إدلب إلى حضن الدولة السورية، فالحقيقة التي أكّدها الرئيس الأسد تقول بأن " إدلب ستعود إلى حضن الوطن شاء مَن شاء وأبى مَن أبى".

 
ربى يوسف شاهين

كاتبة وإعلامية سورية

الميادين

اضافة تعليق