حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

الردع الإيراني و اسقاط طائرة التجسس الامريكية .. وقائع و معطيات.

تُعد الأحداث المحورية بداية لمعطيات تؤسس لقراءة المشهد على المستويين الإقليمي و الدولي، حيث أن إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية لـ طائرة التجسس الأمريكية، يُعد من أهم الأحداث المحورية في سياق التوتر بين طهران و واشنطن، بيد أن الرد الإيراني جاء في التوقيت السياسي الصادم للإدارة الأمريكية، فالرد العسكري الإيراني و تداعياته ستُصيب السياسة الأمريكية بالمزيد من التخبط، و البحث عن فواعل تُمكنها من خرق معادلة الردع التي باتت قواعدها في يد إيران، و هذا يعني بالحقائق و البراهين، أن الصراع بين واشنطن و طهران قد إنتقل إلى مرحلة المعادلات الجديدة بإرهاصاتها و نتائجها، و التي لن تتوقف عند اسقاط الطائرة الأمريكية، بل سيكون لهذا الرد الإيراني نتائج تُلامس الزمن الأمريكي المتوقف عند قواعد اللعبة الإيرانية، بمعنى حصول تغيير جذري في قواعد المعادلة الجديدة، فالأجواء الإيرانية باتت مقفلة بالكامل أمام الطائرات الأمريكية، و هذا يؤمن قراءة متكاملة للحدث الأبرز في جزئيات الصراع الأمريكي الإيراني، و بالتالي بات الشرق الأوسط و مساراته السياسية و العسكرية ينطلق في تأريخ الأحداث و تطوراتها، وصراع المحاور و تداعياتها السياسية و العسكرية، من اللحظة المحورية المتمثلة في إسقاط طائرة التجسس الأمريكية الأكثر تطوراً في العالم، و هذا بدوره سيُعيد من جديد رسم أي مشهد سواء أكان حرباً أم سلماً في تطورات الشرق الأوسط القادمة.

المؤكد أن الإيرانيين و قبيل إسقاطهم للطائرة الأمريكية، وضعوا سيناريوهات متعددة لطبيعة الرد الأمريكي المتوقع، فضلا عن حسابات ظرفية تتعلق و بشكل مباشر بطبيعة الصراع الأمريكي الإيراني، حيث أن هذه السيناريوهات قد دُرست بعناية فائقة، و وُضعت كافة الاحتمالات على خرائط التوقعات المتعلقة بالرد الأمريكي، لكن الحدث و من وجهة نظر سياسية يُعد من الرسائل الواضحة و التي لا تحتاج إلى تفنيد الرد الإيراني، فالرسائل السياسية تلقفتها واشنطن، ليتمخض عن هذا المشهد قراءات إقليمية و دولية، و إسقاطات على الواقع الراهن وما سبقه من أحداث سُجلت ضد مجهول في خليج عُمان و ميناء الفُجيرة الإماراتي، و إذا ما تم الربط بين هذه الوقائع، فستكون النتيجة الواضحة للجميع، بأن إيران قد باغتت الزمن الأمريكي في جغرافية الشرق الأوسط، و هي رسالة تُدركها واشنطن جيدا، و هي لا تملك بناء على ذلك، إلا البحث عن مُخرجات مشرفة من الزمن الإيراني الأقوى و رسائله الصادمة، فالأمر لم يعد متعلقاً بالممارسات الأمريكية في المنطقة، بل أن تداعيات اسقاط الطائرة الأمريكية، نقل رسائل إلى الداخل الأمريكي مفادها بأن إيران باتت قادرة و بتأثيرها الإقليمي و الدولي، على رسم الخطوط العريضة للسياسية الأمريكية الداخلية كما الخارجية، و هذا من شأنه أن ينعكس سلباً على حملات ترامب الانتخابية القادمة، و عليه فإن السلوك الأمريكي في المنطقة بات ينطلق من محددات عديدة، أهمها و في مقدمتها، إيران و تأثيراتها على المستويين الإقليمي و الدولي.

اسقاط إيران للطائرة الأمريكية مرتبط بجزئيات محور المقاومة ككل، لتكون ضفتي محور المقاومة شريكة في النجاح الإيراني، حتى أن التداعيات السياسية للرد الإيراني سيكون لها مدلولات و نتائج لن تحصد ثمارها إيران فحسب، بل أن سوريا و العراق و اليمن سيكون لهم نصيب من هذه النتائج، فإسرائيل باتت تُدرك بأن العبث العسكري المستمر في سوريا لن يستمر، و انطلاقا من الحدث المحوري سياسياً و عسكرياً، على اسرائيل و قبل اتخاذ أي اجراء عسكري في سوريا أو ضد إيران، أن تستدل بالدليل و البرهان، بأن أي مغامرة عسكرية اسرائيلية سيكون مصيرها كـ مصير طائرة التجسس الأمريكية الأحدث في العالم، و بذلك فإن الصقور الأمريكية و الخليجية و الإسرائيلية باتوا حمائم في قفص محور المقاومة، و إن كان هذا القفص يستمد مدلولاته ظرفياً مع قابلية للتبدل وفق معطيات الأمر الواقع و المتجدد، لكن و بناء على المنطق السياسي و العسكري، فإن على واشنطن و أدواتها الإقليمية، قراءة الرسائل الإيرانية و ترجمة مفرداتها بدقة سياسية و عسكرية.

بناء على ما سبق من معطيات، فإنه و بعد اجتماع مجلس الأمن القومي الأمريكي، على خلفية اسقاط الطائرة الأمريكية، قرر صقور الإدارة الأمريكية و بضغط مباشر من جون بولتون و مايك بومبيو، توجيه ضربة عسكرية محدودة و قد وافق عليها ترامب، ليعود بعد ذلك و بعد قراءة متأنية للرسائل الإيرانية، من إلغاء هذه الضربة العسكرية المحدودة، الأمر الذي يكشف حجم الارتباك داخل أروقة البيت الأبيض، و في جانب أخر، بات من المؤكد أن إيران وضعت الإدارة الأمريكية في شباك معادلات الردع الإيرانية، و هذا يعني أن القادم من الأيام سيكون هناك تغير تكتيكي في الخطاب الأمريكي تُجاه إيران، مع استمرار حملات الضغط الأمريكية بشقيها السياسي و الاقتصادي، دون الولوج بشكل مباشر بأي مجازفة عسكرية امريكية لا يُمكن توقع حجم الخسائر المترتبة عليها، و بالتالي باتت امريكا كما اسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، وفقاً للأدبيات التي اسس لها محور المقاومة.

بقلم .. أمجد إسماعيل الآغا

اضافة تعليق