حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

كباش تركي امريكي في سوريا.. منطقة آمنة أم ممر سلام؟

لا تنفك تركيا تتجاهل الحقائق على الارض وتحاول القفز عليها عبر الاصرار على إيجاد جيب لها في الاراضي السورية يكون خنجرا مغروسا في خاصرة سوريا تحركه لإيلامها.

وآخر محاولات القفز على الحقائق لتحقيق الحلم التركي هو ما أعلنه مجلس الأمن القومي التركي من أن أنقرة مصصمة على إقامة ما أسماه "ممر سلام" في سوريا، ليزيد التعقيد في تصور مستقبل أو حقيقة ما عرف بـ"المنطقة الآمنة" التي كانت ولاتزال تحاول إنشاءها شرقي الفرات.

أكد مجلس الأمن القومي التركي تصميم أنقرة على إقامة "ممر سلام" بسوريا، في إشارة إلى المنطقة الآمنة المخطط لإنشائها شمال البلاد والتي تخوض تركيا محادثات حولها مع الولايات المتحدة.

وكانت تركيا قد هددت بأنها ستضطر لإقامة المنطقة الآمنة شمالي سوريا بمفردها، في حال لم يتم التوصل لاتفاق مع الولايات المتحدة الامريكية ما يشير الى عمق الخلافات التي تدور بين الجانبين بشأن هذا المخطط.

ومنذ العام الماضي، تخوض تركيا والولايات المتحدة محادثات صعبة كانت آخرها من 22 إلى 24 يوليو، حول إنشاء منطقة آمنة شمال سوريا، إلا أنها لم تسفر حتى الآن عن أي نتيجة بسبب خلافات حول شكلها وعمقها وآلية التحكم بها، حيث تسعى أنقرة لأن تكون المسيطر الوحيد على هذه الأراضي.

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أعلن مؤخراً أن الاقتراحات الأمريكية الجديدة المتعلقة بـ"المنطقة الآمنة" المزعومة لا ترضي تركيا، مضيفاً إن البلدين لم يتفقا بشأن إخراج "وحدات حماية الشعب" الكردية منها ولا على مدى عمقها أو من ستكون له السيطرة عليها.

وجاء في بيان مجلس الأمن القومي التركي الذي صدر عقب اجتماع عقده امس الثلاثاء برئاسة الرئيس، رجب طيب أردوغان، في العاصمة أنقرة: "نؤكد تصميمنا بخصوص بذل كافة الجهود من أجل إقامة ممر سلام في إطار ضمان أمن حدودنا".

لقد فات قادة تركيا ان الحقائق لا تتغير بتغير الاسماء من "منطقة آمنة" إلى "ممر سلام"، فيما شدد بيان مجلس الأمن القومي على عزم تركيا الاستمرار في "مكافحة كافة التنظيمات الإرهابية بنفس العزيمة والإصرار".

وهدد أردوغان ومسؤولون آخرون من إدارته مرارا بشن عملية عسكرية في منطقي منبج وشرق الفرات بسوريا ستكون الثالثة للقوات التركية في البلد العربي، وتتحدث أنقرة عن ضرورة منع إنشاء "ممر إرهابي" على الحدود السورية في إشارة إلى المسلحين الأكراد من وحدات حماية الشعب، التي تعتبرها حليفة لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، والتي مثلت حليفا للولايات المتحدة في حربها على "داعش".

يأتي ذلك في وقت اشارت الانباء بحسب صحيفة "الوطن" السورية الى تغيير في الموقف الكردي تجاه المنطقة الآمنة، حيث أعلن عضو الهيئة التنفيذية في "حركة المجتمع الديمقراطي" الكردية، ألدار خليل القبول بالمنطقة الآمنة بمسافة خمسة كيلومترات على الحدود السورية التركية، لتفادي الحملة العسكرية التركية.

وذكر خليل، في تصريحات نقلها موقع "باسنبوز" الإلكتروني الكردي، "تركيا تعتقد أننا سوف نرفض إقامة منطقة آمنة وبالتالي تتخذها حجة للسيطرة على المنطقة"، مضيفاً: "ليست لدينا مشكلة في إقامة منطقة آمنة لكن هناك بعض التفاصيل التي يجب التباحث فيها، كعمق المنطقة الآمنة، القوات التي ستشرف عليها، موضوع عفرين والتغيير الديمغرافي، هذه كلها مواضيع يجب التباحث فيها للوصول إلى صيغة بشأنها".

وتابع خليل: إن "تركيا تسعى إلى إقامة منطقة آمنة بعمق 32 كم ولا يمكن القبول بذلك"، مبيناً أنه "بعمق 32 كم لن تبقى الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشرق سورية، لأن تلك المسافة هي التي فيها الإدارة"، على حد قوله.

الموافقة الكردية وان حصلت فعلا، جاءت لتكشف جزءاً مما يجري في كواليس المباحثات الأمريكية التركية، إلا انه حتى الآن لم يخرج اي تصريح رسمي في هذا السياق.

وفي الحقيقة ما تزال ابعاد هذه المنطقة مجهولة بين ان تكون منطقة بعمق خمسة كيلومترات، عناصر سوريا الديمقراطية جزء من شرطتها المحلية ومليشيا ما يسمى الجيش الحر خارجها تماما، وان تكون منطقة بعمق أكثر من 30 كيلومترا، ولا وجود لسوريا الديمقراطية فيها مطلقا ومليشيا الجيش الحر قوة تنتشر في أطراف مدنها وأريافها.

ويبدو أن الاعلان التركي يأتي في إطار الترويج أكثر مما يكون واقعيا لأن غاية إنشاء "منطقة آمنة" أو "ممر سلام" كما جاء في البيان يهدف إلى "مكافحة التنظيمات الارهابية"، فهي تسعى للعمل على إفراغ الشريط الحدودي مع سوريا من مقاتلي وحدات الشعب الكردية التي تصنفها أنقرة على انها إرهابية.

ولا شك ان لتركيا اهدافا ابعد من هذا الترويج وان كان الترويج بحد ذاته يحمل تعقيداته وتشابكاته في ان امريكا تدعم المقاتلين الأكراد هنا بشكل مباشر، وهذا كله بعيدا عن تعقيدات موقف الدولة السورية التي ترفض التواجد التركي في اي بقعة من الارض السورية وتعتبره احتلالا لأراضيها.

ولا شك ان الدولة السورية التي تشعر بالقوة بشكل كبير في الوقت الراهن عسكريا وسياسيا ترفض هذا الإجراء التركي الأمريكي وهي ستضغط الى جانب روسيا وايران لمواجهة هذا المخطط واستخدام اوراق الضغط مع تركيا للحيلولة دون هذا الإجراء ويمكن القول ان النظرية الكاملة للمنطقة الآمنة أو ممر السلام الذي تتحدث عنه تركيا لم تتبلور بشكل كامل بعد ولا بد ان ننتظر مخرجات آستانا 13 والمقايضات التي يمكن ان تحدث بين الأطراف الحليفة والمتناحرة.

اضافة تعليق