حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

جرائم لا تتوقف للاحتلال

معتز خليل*  

فجر يوم الثلاثاء الموافق التاسع من مايو قام الاحتلال الصهيوني بعملية عسكرية في القطاع، وهي العملية التي تم فيها اغتيال ثلاثة قادة كبار في الذراع العسكري للجهاد الإسلامي بغزة، وهم: خليل البهتيني وطارق عز الدين وجهاد غنام.

ويأتي التصعيد الصهيوني تزامنا مع دعوات تحث حركة حماس على التصعيد، وهي الدعوات التي انعكست بالطبع على مسار التعاطي السياسي مع ما يجدي في القطاع، حيث أعرب الكثير من أهالي غزة عن توجسهم من أنشطة الاحتلال، خاصة مع إمكانية ان تنظم حماس ستنضم إلى القتال ضد الاحتلال.

وبالطبع لم يخفي الكثير من الفلسطينيين في القطاع ممن يتعرضون لكثير من الانتهاكات بسبب عدوان الاحتلال تخوفهم من التصعيد الحالي، وهو ما قد يلحق الضرر بالاقتصاد والبنى التحتية التي كانوا يعملون بجد لتحسينها وإعادة بنائها خلال الأشهر القليلة الماضية.

وفي سياق التقدير التالي سيتم تناول تفاصيل ما جرى في ضوء:

  1. تعاطي الصحف الغربية مع ما حصل في غزة بالسابق.
  2. تعاطي بعض من المراكز البحثية ومنصات التواصل الاجتماعي مع ما سبق من تطورات عسكرية مؤلمة تعرض لها القطاع المحاصر على يد الاحتلال 

ما الذي يجري؟

اتخذ الكيان الصهيوني قراراه باغتيال ثلاثة من أبرز قيادات حركة الجهاد الإسلامي يوم الجمعة الماضية، وهؤلاء كان أبرزهم بحسب ما ورد في اجتماع القيادة الأمنية الصهيونية يوم الجمعة، وتم توجيه اتهامات مزعومة لعدد منهم كما يلي:

  • خليل البهتيني تم الزعم بوقوفه وراء تعليمات إطلاق الصواريخ على مستوطنات الغلاف الشهر الماضي، فضلا عن إدارته النشطة لمنظومة العلاقات بين الفصيل العسكري من جهة والفصيل السياسي بحركة الجهاد الإسلامي من جهة أخرى، وجاء قرار تصفيته عقب الإبلاغ عن نيته توسيع منظومة الضربات التي تتعرض لها إسرائيل صاروخيا بالمستقبل.
  • طارق عز الدين هو المسؤول ظاهريا عن عمليات الجهاد في القطاع ، غير إنه كان مكلفا بالتنسيق والتواصل مع قيادات الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية ، وجاء قرار تصفيته عقب الإبلاغ عن قيامه بالتخطيط لتنفيذ بعض من العمليات العسكرية العمليات العسكرية في قلب الكيان الصهيوني ....(التحليل النفسي للتعاطي مع عز الدين أشار إلى خطورته وهو ما اكتشفته قيادات الاحتلال منذ اعتقاله وسجنه لسنوات ، قبل الإفراج عنه في أطار صفقة وفاء الأحرار عام ٢٠١١ ).
  • جهاد غنام أمين سر المجلس العسكري في التنظيم، وجاء قرار تصفيته عقب الكشف عن إدارته لمنظومة الاتصالات العسكرية مع قيادات في لبنان وبعض من المواقع بالعالم بصورة تشكل مخاطر على "إسرائيل".

ومع هذه المعلومات وخلال الاجتماع الذي تم عقده في مقر الشاباك الصهيوني يوم الجمعة الماضية وافق نتنياهو على تنفيذ العملية، مصادقا على التوصيات الأمنية في هذا الصدد، وأطلقت قيادات الاحتلال اسم "السهم الواقي" على هذه العملية.

حماس ومصر

غير أن بعض من القيادات السياسية في الكيان الصهيوني توجست من الأبعاد الاستراتيجية لهذه العملية على طرفين رئيسيين، الأول وهو حركة حماس والثاني وهو مصر.

حماس

بالنسبة لحركة حماس رأى تقدير موقف صهيوني إن تنفيذ هذه العملية سيضع حركة حماس تحت ضغط كبير، حيث سيطالبها الكثير من الفلسطينيين بمشاركة الجهاد الإسلامي في الرد على "إسرائيل"، وهو ما يعني:

  • الخروج عن الالتزام الذي تعهدت به الحركة لبعض من الأطراف الإقليمية على رأسها مصر وقطر والتي تقضي بالهدوء الاستراتيجي.
  • ألحاق الضرر بالكثير من المرافق في القطاع، خاصة وأن مشاركة حماس في هذا التصعيد تعني إلحاق الضرر بالاقتصاد والبنى التحتية التي عملت الحركة على تحسينها وإعادة بنائها خلال الأشهر القليلة الماضية.

مصر

بالنسبة إلى مصر رأت قيادات "إسرائيلية" إن هذا التصعيد سيؤدي إلى تحفظ القاهرة ، خاصة وإنها نقلت لمسؤولي الجهاد الإسلامي من قبل رسالة مفادها إن "إسرائيل" ترغب في تنفيذ عمليات اغتيال لقياداته في غزة ، ومصر وحدها هي التي تمنع ذلك ، وبالتالي فإن تنفيذ هذه العملية سيضر بصورة مصر ، ليس فقط بين عناصر حركة الجهاد الإسلامي ، ولكن أيضا في غزة عموما، وتم الاتفاق على معالجه هذه النقطة بتقديم وثائق للمصريين تشير إلى أن خيار الاغتيال كان الأخير أمام الصهاينة في ظل تصاعد أنشطة الجهاد ضد "إسرائيل" والعبث بأمنها الداخلي، مع إرسال رسالة دقيقة للمصريين أيضا بأن الجعاد لم يلتزم بتعهداته معها ، وفي الوقت الذي تعهدت فيه قيادات الجهاد لمصر بالتهدئة ، كانت تقوم بتنفيذ عمليات والتخطيط لها في قلب "إسرائيل".

وهناك رأي آخر تم تسريبه، وهي أن مصر حاليا تعيش في كثير من المشاكل والأزمات بسبب السياسات التي اتخذتها في السابق، بصورة لن تجعلها تدقق كثيرا على سلوك أو سياسات الصهاينة، وهذا الرأي قاله سياسي يترأس الآن جهاز أمنيا يتواجد في مكتب رئيس الوزراء، وأثارت هذه النقطة أنتبه الكثير من القيادات الأمنية التي تشير تقديراتها أيضا للأوضاع في مصر بآنها أوضاع صعبة ومضطربة وستؤثر على تعاطيها الأمني مع الملف الفلسطيني.

بالإضافة إلى محاولة مصر اللحاق بالتغيرات الإقليمية المتواصلة حالياً، وهي التغيرات التي تتشابك مع التحركات السعودية والإيرانية والإماراتية، وهو ما سيمنع مصر عن اتخاذ زي موقف مفاجئ يمكن أن يؤثر عليها أو على مكانتها الاستراتيجية التي تتعرض لكثير من المخاطر الآن.         

تقدير استراتيجي:

بات واضحا إن هناك اقتناعا صهيونيا بضرورة مواصلة الضربات ضد غزة، وهو ما دفع ببعض من التقديرات "الإسرائيلية" إلى القول بأنه لا مفر من القيام بحملة عسكرية في غزة، وأن إطلاق هذه الحملة ليس إلا مسألة توقيت فقط".

 الدقيق في هذه النقطة أن بعض من التقديرات البحثية في إسرائيل قالت صراحة أن مسألة المواجهة المباشرة مع حماس هي موضوع محسوم.... والسؤال فقط يندرج تحت بند متى ، وليس هل.

عموما بات واضحا إن القطاع الأمني في الكيان الصهيوني يتحدث عن مقاربتين رئيسيتين:

1. ضربة مفاجئة على شكل هجوم في القطاع قد تبدأ باغتيال واحد أو أكثر في نفس الوقت، غير أن خطورة هذه العملية هي إنها يمكن أن تجر إسرائيل إلى مواجهة كبيرة، سيمثل التعاطي سياسيا معها أزمة للكيان الصهيوني ووزارة خارجيتها.

2. وهناك رأي آخر يتمثل في انتظار العملية القادمة من قطاع غزة والرد هذه المرة بطريقة أقوى بشكل ملحوظ، لكسر المعادلة، ونتيجة لذلك كسب شرعية أقوى من العالم، والظهور في صورة الدولة التي تدافع عن نفسها.

* مدير مركز رصد للدراسات السياسية والفلسطينية – لندن

اضافة تعليق