حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad

عقدٌ ثانٍ ينتهي: ملفات عام 2019 ما أُغلق منها وما عُلِّق

تتنوع مقالات هذا العدد بتنوع الملفات في المنطقة والعالم، خاصة وأن معظمها مرتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بسورية. وينقسم الباحثون بين من يقدّم جرداً أو حصاداً للعام المنتهي، ختام العقد الثاني من الألفية الثالثة، ومن يفرد توقعاته وتنبؤاته ومجال اهتمامه في العام الجديد.

وفي حين لا تختلف الآراء بالعموم حول الحصاد، لا تتفق حول معظم الآتي من الأحداث، سواء في سورية أو في محيطها أو عالمياً. ما يعيدنا إلى حالة “التربص” التي يعيشها العالم، والانفتاح الكامل على كافة الاحتمالات مهما كانت متناقضة. دون أن نغفل أن الدلائل والقرائن حاضرة لتدعم كلّ رأي وكل تنبؤ، وكثيراً ما يستخدم حدث واحد كمؤشر لاحتمالين متناقضين، فتراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط –إذا ما قبلنا بهذا التبسيط– هو إرهاص لمزيد من الهدوء في المنطقة عند البعض، أو لمزيد من التصعيد عند البعض الآخر.

لكن بالعموم، يتراجع الحدث السوري في منشورات مراكز الأبحاث العالمية أمام ما يجري في العراق أو في ليبيا، خاصة وأن معارك إدلب شبه مغفلة بالتمام، وينحصر تناول الشأن السوري بالملفات المعتادة التي لا يمرُّ شهر على مراكز التفكير الغربية دون المرور عليها، من قبيل ملف اللاجئين السوريين في تركيا خصوصاً، إرث “داعش” الإرهابي المادي والنفسي، وبالطبع موضوع الكرد ومستقبلهم في سورية وما حولها، وأخيراً بقاء أو خروج الولايات المتحدة من سورية.

وفي هذا الشأن الأخير، أمريكا مطالَبة من قبل باحثيها بزيادة عدد قواتها في الشرق الأوسط. أعدَّ أنتوني كوردسمان تقريراً مطولاً يقول فيه إن التدخل العسكري الأمريكي في حروب الآخرين “لا يستهلك ميزانية أمريكا”، وكل ما عليها هو انتقاء حروبها، وليس التفكير بالتراجع أو تقليل تكاليف الحرب، لأنها أمور لا تضمن “النصر”. يأتي كلام كوردسمان متسقاً مع بيانات معهد ستوكهولم SPIRI الجديدة التي تظهر ارتفاع مبيعات السلاح في العالم في 2018 بنسبة 4.6% عن العام الذي سبقه، وهيمنة الشركات الأمريكية المصنعة للسلاح على المراتب الخمسة الأولى في التصنيف.

بدون حرب لا تقوم للاقتصاد الأمريكي قائمة، وبدون اقتصاد لا هيمنة على السياسة العالمية. هذا أبسط العلم بالنسبة للباحثين الأمريكيين، وليس بالأمر الذي يخفى على ترامب ولو أظهر غير ذلك.

ترامب أيضاً والانتخابات الرئاسية الأمريكية أحد أهم ما يشغل الباحثين، وبما أن استطلاعات الرأي تظهر أن نسب إعادة انتخاب ترامب لولاية ثانية تساوي تقريباً نسب خسارته، تظل الاحتمالات هنا مفتوحة ومثلها كلّ الملفات المرتبطة. التهدئة في الخليج أحد الأمثلة، ففي حين تشير التحركات الدبلوماسية التي جرت نهاية العام إلى جهود تبذل بهدف التوصل إلى اتفاق، قد يتم تجميد الوضع على ما هو عليه بين السعودية وإيران إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية، وبنفس النسب احتمال التصعيد وارد، خاصة إذا ما أخذنا بالحسبان أن الولايات المتحدة، رغم تراجعها المزعوم، لا تزال الطرف الأكثر تأثيراً على ضفتي الخليج، أضف إلى ذلك عادة ترامب في القيام بغير المعتاد.

الانتخابات الثانية التي يتم الحديث عنها هي الانتخابات الإسرائيلية في آذار/مارس المقبل، ومثلما هناك من يقول إن نتنياهو قادر على العودة وكسب أغلبية أو بناء تحالف برلماني قادر على تشكيل حكومة، يرى آخرون أن نتنياهو “انتهى” سياسياً، وما يجري اليوم هو مكابرة في الرمق الأخير.

طاغية آخر تحدثت عنه مراكز الأبحاث الغربية، مطولاً، هو أردوغان. اتفقت معظم الآراء على أن العلاقة بين أمريكا وتركيا في ظل حكم أردوغان ليست صحية، لكن الاختلاف كان حول كيفية التعاطي مع هذا الأمر، فالبعض يرى أن هذه العلاقة مهمة للغاية وتستحق بعض التضحية، وآخرون قالوا بضرورة التعامل مع أصل المشكلة، أي أردوغان، فهو برأيهم من حوّل تركيا إلى دولة إسلاموية تدعم التطرف وتنتج جيلاً ينحو نحو “الإخوانية”، ولا تأخذ أياً من حقوق الإنسان بالحسبان، وحتى وصل الأمر بالبعض إلى الحديث عن عزل تركيا تماماً وطردها من الناتو وإفراغ قاعدة أنجرليك بالكامل.

وعليه تكون الملفات المعلقة والتي تنتظر الحل أو الانفراج، أكثر بكثير مما أغلق تماماً مع انتهاء العام، كلّ هذه الملفات، ولو من بعيد، مرتبطة بالمشهد السوري، وكل التطورات التي ستشهدها سيكون لها تأثير على سورية، وأقصى المأمول هو أن يكون عام 2020 أقل قسوة على الداخل السوري وعلى كلّ هذا المشرق المتعب.

تقرؤون في عدد كانون الأول/ديسمبر من تقرير «سورية في عيون مراكز الدراسات العالمية» عن أهم المواضيع المرتبطة بالحدث السوري والتي تناولتها مراكز التفكير الغربية نهاية عام 2019، مقسمة على المحاور الآتية:

أولاً- الحصاد والتوقعات

بناءً على أحداث العام الماضي وأرقامه، تلقي مقالات هذا المحور بنظرة على عام 2020 وما سيحمله من متغيرات على أهم القضايا في الشرق الأوسط والعالم، وما المواضيع التي ستكون مثار اهتمام كبار الباحثين الغربيين، وما إجاباتهم على أهم أسئلة عالم السياسة اليوم.

ثانياً- الولايات المتحدة و “النيو-انعزالية”

تتناول مقالات هذا المحور وجهات نظر متعددة من مسألة تراجع الدور الأمريكي في العالم بعامة وفي الشرق الأوسط بخاصة، وفي حين لا يختلف الباحثون حول ضرورة حفاظ أمريكا على دورها العالمي، قد يختلفون بالآليات المقترحة، والسبل الكفيلة بضمان هذا الدور.

ثالثاً- “داعش” وتركيا وإرث العنف

يعرض هذا المحور للإرث الإرهابي الذي تركه تنظيم “داعش” في الأماكن التي كان ينشط فيها، إرث في النفوس وإرث على الأرض، قد تستغرق المنطقة وقتاً ليس بقصير للتخلص منه، خاصة وأن ما تقوم به تركيا في شمال سورية يفاقم من مشكلات السكان ويرسخ معاناتهم.

رابعاً- اللاجئون السوريون وعلاقة تركيا بأوروبا

تُضيء مقالات هذا المحور على ملف اللاجئين السوريين في تركيا، وكيف تتم الاستفادة منه لتحصيل دعم مادي أو سياسي، على شكل مساعدات “لتحسين أوضاع اللاجئين”، أو تقارب في العلاقات لضمان إعادتهم، وتوطينهم في “المنطقة” الآمنة، أو على الأقل التأكد من عدم توجههم نحو أوروبا.

خامساً- “إسرائيل” رسائل بلا حكومة

يتحدث مقال هذا المحور الأول عن الغارات التي شنها الكيان الصهيوني على سورية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر، وما الرسائل التي يتوخاها الكيان منها. أما المقال الثاني فيتطرق إلى الانتخابات الإسرائيلية المزمع إجراؤها في آذار/مارس، ومستقبل نتنياهو السياسي.

سادساً- لا حقوق إنسان عند أردوغان

تصل مقالات هذا المحور إلى نتيجة مفادها أن أردوغان هو المشكلة الرئيسة في العلاقة ما بين تركيا والغرب، فتوجهه الإسلاموي الإخواني وأسلوبه القمعي السلطوي غيّرا وجه تركيا التي كانت يوماً حليفاً للغرب، وإلى أجل بعيد.

مركز دمشق للأبحاث والدراسات "مداد"

اضافة تعليق