حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

هل أصبح العالم بين حرب باردة أو صدام مباشر تتسارع ظروفه؟

ربما يعد قانون حق النقض «فيتو» الذي تتمتع به الدول الخمس الكبرى منذ تأسيس منظمة الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار هذه الدول الخمس على اليابان وألمانيا النازية وحلفائهما، أحد وسائل الحرب في الميدان الدبلوماسي العالمي التي تستخدم في أشكال الصراع المستمر بين كل هذه الدول المتنافسة والمتناقضة في أهدافها.

لكن الجديد بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على استخدام “فيتو” بهدف حماية مصالح هذه القوة الكبرى أو كتلتها وأحلافها على حساب تحالفات ومصالح القوة أو القوى الأخرى هو أن عامل تزايد القوة العسكرية لروسيا والصين أصبح أكثر قابلية لفرض قدراتهما العسكرية حين يبدأ التشدد في ميدان الحرب الدبلوماسية يقترب من تجاهل قيمة “فيتو” الذي عادة ما تستخدمه موسكو وبكين ضد مشاريع قرارات الولايات المتحدة التي لا تحظى بالإجماع وتستهدف دولاً تناهض الهيمنة الأميركية وسياساتها العدوانية والأحادية في الساحات الإقليمية والدولية.

فالكل يلاحظ أن إدارة ترامب تتبع سياسة فرض تنفيذ قراراتها الأحادية التي لم يقرها مجلس الأمن الدولي على دول لا تتفق مع سياستها وترفض الانصياع لشروطها، فحين عجزت واشنطن عن تجنيد أغلبية تؤيد تمديد قرار مجلس الأمن بحظر بيع وشراء السلاح على إيران بعد انتهاء مدته قررت أن تفرض تنفيذ قرارها الأحادي على دول كثيرة تحت تهديد “معاقبتها” إذا لم تخضع لرغبتها وبهذا الشكل أصبحت تعد كل من يخضع لها جزءاً من حلفها ضد كل من تمسك بالقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ورفض الخضوع لها سواء أكان من القوى الكبرى مثل روسيا والصين أو من الدول الإقليمية ليصبح العالم منقسماً بين مجموعتي دول تتناقض أهدافها ومصالحها.

أي إن حرباً باردة أصبحت تدور في الساحة العالمية والإقليمية، فواشنطن ومعها بعض الدول الأوروبية تضع الآن على جدول عملها منع القيمة الفعلية والقانونية التي تحققها الصين وروسيا من استخدام “فيتو” وكأنها تعلن حرباً شاملة غير مباشرة على كل منهما حين تفرض استمرار “العقوبات” والحظر على كل من إيران وسورية اللتين تربطهما علاقات متينة ووثيقة مع موسكو وبكين، وهي تقوم في الوقت نفسه بتهديد كل دولة صديقة أو حليفة لها بالعقوبات إذا لم تفرض الحصار والحظر على سورية وإيران، فواشنطن هددت العراق بعقوبات إذا قرر تنفيذ قرار حكومته وبرلمانه سحب القوات الأميركية من أراضيه، بل إن وزير الدفاع الأميركي بدأ يتحدث بشكل مباشر عن حرب مع الصين، فرد الرئيس الصيني شي جين بينغ بدعوة القوات المسلحة الصينية إلى زيادة الاستعداد لحرب مقبلة قد تحدث في أي وقت.

ويبدو أن هذا الوضع الدولي متعاظم التوتر من المحتمل أن لا تطول مدة بقائه في دائرة الحرب الباردة التي بدأت مؤشراتها وعواملها بالظهور البارز في عهد إدارة دونالد ترامب، وقد يتجه نحو صدام مباشر أو عتبة صدام إذا لم تتدارك واشنطن وبعض حلفائها جر العالم إلى حرب عالمية جديدة -ستعد نتائجها أكبر كارثة على البشرية- وتتراجع عن السياسة التي تؤدي إليها.

وفي هذه الظروف الدولية من الواضح أن تلجأ واشنطن -بواسطة سياسة التهديد العلني بحرب ضد الصين- إلى تشجيع الهند على تأزيم علاقاتها مع الصين ونقل الصدام المباشر مع الصين إلى حرب استنزاف بين أكبر دولتين في عدد السكان في العالم، فبريطانيا في عهدها الاستعماري خلقت نزاعات إقليمية في مختلف قارات العالم، وواشنطن تراهن على قوى احتياطية إقليمية قابلة للاستخدام ضد مصالح المناهضين لهيمنتها في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى والبحر الأسود باسم النزاعات على المناطق الحدودية.. وتعد تركيا واحدة من هذه القوى الإقليمية التي تهتم واشنطن ودول أوروبية بإعطاء دور لها في الصراع ضد روسيا في منطقة آسيا الوسطى أو البحر الأسود.. فتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي الذي تقوده أمريكا وتستضيف قواعد جوية أميركية، وهي الخزان البشري للقوى البشرية العسكرية البرية التي يعول الحلف على استخدامها في أي حرب يشنها في أوروبا أو غيرها.

 

وهذا ما تدركه روسيا في إستراتيجيتها الشاملة في كل تلك المناطق التي يُراد فيها توظيف الدور الأردوغاني في المنطقة، ولا يشك أحد أن ميزان القوى في أي منطقة يتحرك فيها أردوغان تميل كفته للقوة الروسية- الصينية وقوة حلفائهما من دول مجموعة منظمة معاهدة الأمن الجماعي «سي إس تي أو» التي تضم روسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأرمينيا وبيلاروس.

كما تعد إيران والاتفاقات العسكرية والأمنية الموثقة بينها وبين روسيا والصين من أهم الحلفاء في تلك المنطقة، ويبدو أن أردوغان نفسه بدأ يدرك أن سياسته العدوانية ضد سورية والعراق والمنطقة ككل لا يمكن أن تحقق نتائجها مهما كان الدعم الغربي له، ولعله يرى كيف يحسب الكيان الصهيوني حسابات كثيرة للقوة الإقليمية التي يشكلها محور المقاومة في هذه المنطقة وتحالفاته مع موسكو وبكين.

 

اضافة تعليق