حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

حرب الشائعات.. آخر ما تبقى لمنظومة العدوان على سورية

إلى جانب الحرب الإرهابية القذرة التي واجهتها سورية طوال العشر سنوات الماضية، وتمكنت بفضل صمودها وبسالة جيشها وتلاحم شعبها وحكمة قيادتها ومساندة الأصدقاء والحلفاء من إجهاض أهدافها المعلنة وغير المعلنة، كانت هناك العديد من الحروب الأخرى التي لا تقل ضراوة وشدة وخبثاً تخاض ضد السوريين من قبل دول ودوائر وأجهزة ومؤسسات ومنظمات دولية بهدف تعويض الفشل في الحرب العسكرية، وتحقيق ما عجزت عنه جحافل الإرهاب الداعشي والأميركي والصهيوني والتركي والمستعرب وبقية التوابع والتسميات والمشتقات، حيث واجه السوريون كل ذلك - ولايزالون - بكل عناد وصبر وتحمل، واثقين من النصر، لإيمانهم العميق بصوابية قرارهم وصحة نهجهم وعدالة قضيتهم، لتثبت الوقائع والأحداث المتتالية أن سورية تعرضت لأعتى مؤامرة كونية وأقسى حرب همجية شهدها العصر الحديث، تنوعت فيهما أساليب الاستهداف والضغط والمراوغة والخداع والتضليل والفبركة والكذب ووصلت إلى مستويات غير مسبوقة في كل الحروب السابقة.

 

ولعل من أقسى هذه الحروب وأشدها تأثيراً وفتكاً هي الحرب النفسية والإعلامية التي اعتمدت سلاح الشائعات المغرضة والتضليل الممنهج كأسلوبين خبيثين من أجل التأثير على الشعب وضرب روحه المعنوية، وإفقاده ثقته بنفسه وبجيشه وقيادته، وإضعاف إيمانه بنقاط قوته الكثيرة التي كانت السبب المباشر في إفشال الحرب العسكرية وبقية الحروب الأخرى المرتبطة بها.

 

فمنذ بداية الأحداث المفتعلة في سورية عام 2011 دأبت مئات المحطات الفضائية والتلفزيونات والصحف ووكالات الأنباء والمواقع الإخبارية على فبركة الأحداث وتزويرها وتضخيمها في محاولة يائسة لتشويه والإساءة إلى سمعة الدولة السورية وسمعة جيشها وقيادتها، وذلك بهدف التأثير على الرأي العام الداخلي والمزاج الشعبي وأخذه بعيداً عن نهج دولته ومؤسساتها، واستخدام بعض التفاصيل الهامشية الصغيرة التي تم تضخيمها لغايات شيطانية في الضغط على القيادة السياسية من أجل قبول الاملاءات الخارجية والتسليم بأمر واقع أرادت قوى العدوان تمريره وترسيخه دون جدوى.

 

فمنذ بدأ ضخ الجماعات الإرهابية المجهزة مسبقاً عبر الحدود إلى سورية حاولت منظومة العدوان عبر أبواقها الإعلامية الكثيرة تصوير ما يجري في سورية على أنه "ثورة سلمية" من أجل الكرامة، وأن هؤلاء الإرهابيين هم "ثوار" من أجل الحرية، وعمدت لاتهام الدولة السورية بكل المجازر والتفجيرات الإرهابية والأعمال التخريبية التي كان ينفذها هؤلاء الإرهابيون في المناطق المدنية الآهلة بالسكان، في محاولة لنفي تهمة الإرهاب عن عملائها وأدواتها، مستخدمة تارة شهود الزور "شهود العيان المزيفين" وفبركة الفيديوهات والصور، وتارة بعض من باعوا ضمائرهم لقنوات البترودولار كمحللين سياسيين وناشطين إعلاميين وحقوقيين مزيفين، إلى جانب ادعاء سقوط بعض المناطق في أيدي الإرهابيين، وتصوير الدولة السورية كما لو أنها قاب قوسين أو أدنى من السقوط الحتمي، وكثيرا ما أطلقت شائعات حول فرار قيادات وحدوث انشقاقات في الجيش والحكومة ليتبين لاحقاً أنها عارية عن الصحة، بعد أن يقوم الإعلام الوطني السوري بدحضها بالدليل والبرهان القاطع.. وعندما أفلست هذه الأساليب في تحقيق الغاية المرجوة منها وتبين أن الدولة السورية متماسكة وقوية ومن الصعب النيل منها، لجأت أقنية ومحطات ودوائر التضليل إلى أساليب أخرى مثل فبركة الهجمات الكيماوية لاتهام الجيش العربي السوري على غرار ما حدث في الغوطة الشرقية في آب عام 2013 وفي خان شيخون ودوما ومناطق أخرى، وكذلك الافتراء والتضليل في ملف المخطوفين والمعتقلين حيث استخدمت الرواية المفبركة للعميل المدعو "قيصر" مبرراً لسن "قانون" عقوبات اقتصادية ظالمة وقاسية على الدولة والشعب في سورية، وكذلك في ملف الدعم الدولي للمهجرين والمساعدات الإنسانية في محاولة من منظومة العدوان لإبعاد الدولة السورية عن هذا الملف الإنساني وتقديمه للإرهابيين، إلا أن أكثر الملفات التي شهدت تزويرا وكذباً وتضليلاً هو ملف المهجرين والنازحين من المناطق الساخنة.

 

فمنذ بداية الأحداث عمد الإعلام المعادي إلى تصوير مخيمات لاجئين ووافدين إليها عبر الحدود في محاولة منه لإقناع الرأي العام العالمي بأن سورية تشهد أزمة لجوء نتيجة الحرب الدائرة، بهدف تحميل مسؤولية ذلك للدولة السورية، في حين أن الغالبية العظمى من المهجرين والنازحين من المناطق التي سيطر عليها الإرهابيون احتموا بالجيش العربي السوري ولجؤوا إلى الداخل، فيما اضطر أبناء المناطق الحدودية إلى لجوء قسري إلى دول الجوار بضغط مباشر من الإرهابيين وبعض دول الجوار، كما فعل النظام التركي الذي تحول إلى أكبر متاجر بمعاناة المهجرين السوريين، مستخدماً ورقتهم في ألاعيبه ومخططاته السياسية القذرة داخليا وخارجياً، فتارة للضغط على معارضيه في الداخل وتكميم الأفواه والحريات، وتارة للضغط على المجتمع الدولي من أجل الحصول على المساعدات والأموال المقدمة للاجئين، وتارة للضغط على الدول الأوروبية من أجل قبول تركيا عضواً في الاتحاد الأوروبي، وتارة للضغط على سورية من أجل التدخل بشؤونها الداخلية، في حين شهدت مخيمات اللجوء داخل تركيا أسوأ أنواع الانتهاكات والممارسات اللا أخلاقية، من متاجرة بالرقيق الأبيض إلى المتاجرة بالأعضاء وصولاً إلى إقامة معسكرات للإرهابيين وتدريبهم وتسليحهم وإرسالهم إلى داخل سورية من أجل القتل والتخريب وسرقة المصانع والمعامل والآثار، ولعل أفظع المشاهد التي سجلت في هذا الملف هو ما كان يرتكبه النظام التركي وأجهزة استخباراته بحق المهجرين حيث دفع الكثير منهم حياته ثمناً لعبور البحر باتجاه أوروبا في قوارب مطاطية خطيرة يملكها مهربون أتراك مرتبطون بالنظام التركي.

 

ومن جملة الشائعات المغرضة التي لم تتوقف والتي تشير إلى فشل وعجز منظومة العدوان في تحقيق أهدافها، فبركة الأكاذيب بشأن خلافات بين سورية وحلفائها وخاصة روسيا وإيران، من أجل إضعاف التحالف المتين الذي بفضله سقطت المؤامرة واندحر الإرهاب وعاد الأمن والأمان إلى معظم ربوع سورية، إلى جانب الفبركات الرخيصة بخصوص التدخل الروسي والإيراني في الشأن الداخلي السوري، والأكاذيب المضحكة بشأن صفقات سرية مع الكيان الصهيوني، وهي فبركات وأكاذيب وشائعات لن تتوقف لأنها جزء من الحرب، ولكنها لن تصل إلى مكان مهما حاولوا، لأن السوريين باتوا أكثر تحصينا وقدرة على التفريق بين الحقيقة والتزييف الذي بنيت عليه هذه الحرب الظالمة منذ اللحظة الأولى.

 

عبد الحليم سعود

اضافة تعليق