حزب البعث العربي الاشتراكي

logo

header-ad
أحدث الأخبار

"نيو استرن أوت لوك": واشنطن تمنع عودة الحياة إلى سورية

إن استمرار وجود القوات الأجنبية داخل الأراضي السورية وما تبديه من دعم للتنظيمات المتطرفة والميليشيات التي تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد، يشكل عقبة كأداء أمام عودة الحياة إلى طبيعتها في سورية مثلما كانت عليه الحال قبل سنوات الحرب.

لذلك فإن وجود تلك القوات لا ينسجم مع الموقف المعلن للتدخلات العسكرية الأميركية والتركية في سورية، كما أن استمرار وجودها يمثل أداة رئيسة في اللعبة الجيوسياسية للقوى الغازية بقيادة الولايات المتحدة ضد هذا البلد وحلفائه الأساسيين إيران وروسيا.

الأمر الذي أكده مؤخراً السفير جيمس جيفري "المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية" في مقابلة أجرتها معه قناة (بي بي إس) التابعة للحكومة الأميركية عندما قال: "إن الجماعات المتشددة والمتطرفة مثل هيئة تحرير الشام تشكل "ميزة" للاستراتيجية الأميركية التي ترتكز حالياً على إدلب"، مضيفاً: "إن هيئة تحرير الشام الخيار الأقل سوءاً من الخيارات المتعددة في إدلب التي تعد أحد الأماكن الهامة في سورية، وأحد أهم المناطق في الشرق الأوسط".

ولا يخفى على أحد ما تقدمه تركيا من دعم لتلك العناصر في سورية بهدف منع القوات السورية من بسط نفوذها على كامل البلاد، وقال كبير المحللين ورئيس برنامج السلطوية في معهد نيولاينز للاستراتيجية والسياسة نيكولاس هيراس في مقابلة له: "لا يمكن أن تحيا هيئة تحرير الشام دون دعم تركي"، مستطرداً: "إن هدف المساعي العسكرية التركية هو حماية إدلب من السقوط والعودة إلى قبضة سورية وحلفائها"، ولكن إذا تمكنت سورية من استعادة إدلب، فإن ذلك سيقوض الموقف التركي، ويقلص من قدرة الولايات المتحدة في السيطرة على أجزاء من هذا البلد.

وتحسباً من وقوع ذلك السيناريو، تواصل الولايات المتحدة إرسال تعزيزات وشاحنات محملة بالأسلحة إلى الجزيرة السورية في الشمال الشرقي خدمة للفصائل المسلحة، كما تواصل التعاطي مع تلك المجموعات المماثلة على غرار "هيئة تحرير الشام" التي ترى بأنها تشكل "ميزة" لها.

وفي مقابلة أجرتها "بي بي إس" مع متزعم هيئة تحرير الشام "أبو محمد الجولاني" أكد استمراره في العمل على إسقاط المؤسسات السورية، وأن تنظيمه لا يشكل أي تهديد للولايات المتحدة، علاوة على ذلك، أشار تقرير "بي بي إس" إلى أن إدلب تعرضت لهجوم من القوات السورية والروسية والإيرانية، بينما دعمت تركيا مجموعات المعارضة المسلحة ومنها مجموعة الجولاني، وبذلك فإن الدعم التركي ل"هيئة تحرير الشام" يفسر سبب إحجامها عن استهداف تلك المجموعات بالمنطقة التي تحتلها منذ فترة طويلة.

ويبدو أن الحسابات الأميركية ساذجة وفجة، إذ ترى بأن المزايا التي تجنيها من دعمها المباشر لمجموعات مثل هيئة "تحرير الشام" تفوق المزايا التي تحققها من دعمها لميليشيا "قسد"، وأن الحفاظ على علاقات قوية مع مجموعات مثل "هيئة تحرير الشام" يحافظ على التحالف الأميركي- التركي، ولاسيما في ضوء تحفظات تركيا فيما يتعلق بوجود ميليشيات "قسد" بالقرب من مناطقها الحدودية.

وفي هذا السياق، يهدف التحالف الأميركي- التركي إلى تحويل سورية إلى مستنقع تغرق به إيران وروسيا، لذلك فإن دعم تلك التنظيمات المتطرفة يشكل مفتاحاً لتحقيق مآرب الحليفين الأميركي والتركي.

وبعبارة أخرى، تعتزم إدارة بايدن التمسك بالسياسة السابقة القائمة على إضعاف دمشق خدمة لمصالحها في إدلب، الأمر الذي بدا جلياً من خلال إيلاء المؤسسة الإعلامية الأميركية الاهتمام المفاجئ "بهيئة تحرير الشام والجولاني"، وتصوير ذلك التنظيم بأنه كيان "غير مهدد"، بل يخدم المصالح الأميركية لكونه يعد أفضل من الخيارات الأخرى المتاحة.

التحكم بالاقتصاد..

وبينما توظف الولايات المتحدة تلك "الميزة" للحيلولة دون وحدة الأراضي السورية وعودة الحياة إلى طبيعتها، نجدها تواصل سيطرتها على نحو 90% من النفط السوري والموارد الاقتصادية بهدف إلحاق الضرر بالتعافي الاقتصادي، وفي هذا السياق، قال وزير النفط السوري: "يجري استهداف قطاع النفط بالدرجة الأولى لكونه مصدر الدخل الرئيس للاقتصاد السوري".

لا ريب أن استمرار الأزمة الاقتصادية الراهنة يسهل على تنظيمات من أمثال "هيئة تحرير الشام" استقطاب مجندين جدد، ومن المفارقات التي نشهدها الآن، أن النفط السوري الذي سرقته داعش سابقا يُسرق اليوم تحت إشراف قوة محتلة ما سبب بخسارة الدولة السورية لمليارات الدولارات من العائدات.

ومع السيطرة على 90% من إنتاج النفط السورية، فقد بات من الواضح بأن الولايات المتحدة لا تهدف إلى استمرار الحرب التي مزقت البلاد فحسب، بل تسعى لمنع روسيا من استخراج النفط في سورية أيضاً، وبالتالي ترسيخ مكانتها بقوة في الشرق الأوسط، ولاسيما بعد موافقة البرلمان السوري على إبرام عقود لاستخراج النفط مع شركتين روسيتين في محاولة لتعزيز الإنتاج وتأمين الإيرادات لإعادة الإعمار بعد الحرب.

 

ولكن استمرار القوات الأميركية في تعاونها مع "قسد" للسيطرة على معظم النفط يعني أن تعافي سورية بعد الحرب بالاعتماد على الموارد المحلية ضرباً من المستحيل، لذلك، تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها لعبة زعزعة الاستقرار التي بدأت منذ اندلاع الحرب على سورية عام 2011.

المصدر New Easter Outlook

اضافة تعليق